Pages

Thursday, February 17, 2011

حصان طروادة جديد على الأبواب

الجامعات الأجنبيّة جسراً للتطبيع مع إسرائيل؟

2008

أريس ــ كوبا

في السنوات الأخيرة تزايد عدد الجامعات الأجنبيّة التي تتسابق على افتتاح فروع لها في المنطقة العربيّة، مع تركيز خاص على الخليج. وتلك الأكاديميّات المستحدثة تفتح أبوابها أحياناً لزوّار من نوع خاص جدّاً. أيها الطلاب والأساتذة العرب: احذروا التطبيع!

جابي برامكي، ليزا تراكي *
تتسارع وتيرة عولمة التعليم العالي في المنطقة العربية، مع تأسيس فروع لجامعات أميركية وأوروبيّة في مختلف البلدان العربية، وخصوصاً في منطقة الخليج العربي. وفي إطار ما وصفه صحافي في جريدة «نيويورك تايمز» بـ «سباق الذهب في المجال التعليمي»، فقد أسّست جامعات من طراز «جورجتاون»، و«تكساس آيه آند إم»، و«كارنغي ملون»، و«كورنيل» مراكزَ أكاديميةً لها في المدينة التعليمية في قطر. كما قامت ـــ أو ستقوم ـــ جامعات أجنبية أخرى بفتح فروع لها في أبو ظبي ودبي ورأس الخيمة والشارقة، وكذلك في مصر والأردن.
وقد حظيت البرامج التعليمية الأجنبية بتغطية إعلامية واسعة، ركّزتْ على الجدل القائم حول جودة التعليم الذي تقدّمه والقضايا المتعلّقة بالحرية الأكاديمية... أما التبعات السياسية الطويلة الأمد، والمثيرة للقلق، التي تحملها تلك البرامج أحياناً، فلم تناقَشْ بالحدّ الأدنى بعد.
باختصار، هناك ما يدعو إلى القلق والريبة في الحديث الدائر عن احتمال استقطاب هذه المراكز التعليمية لأكاديميين أو طلبة إسرائيليين، ما سيشجّع أجواء التطبيع العربي ــــ الإسرائيلي (أنظر تعريف الحملة للتطبيع في زاوية أخرى من الصفحة)، في تحدٍّ فجّ للرفض الواسع من الشعوب العربية لبناء علاقات طبيعية مع إسرائيل، بسبب كونها دولة استعمارية استيطانية لا تزال تمارس الاضطهاد والعنصرية والعدوان. وهنا لا بد من الإشارة إلى أنّ العلاقات الأكاديمية بين الجامعات العربية ونظيراتها الإسرائيلية تكاد تكون معدومة، بسبب طبيعة إسرائيل تلك؛ فالجامعات الأجنبية نفسها، كالجامعة الأميركية في القاهرة، تعرّضتْ أخيراً لضغط هائل من الطلبة والأساتذة المناوئين للتعاون الأكاديمي مع الجامعات الإسرائيلية. وهذا يدلّ على أنّه لا توجد رغبة في تأسيس علاقات طبيعية مع المؤسسة الأكاديمية الإسرائيلية، على طول العالم العربي وعرضه، ما لم ينته احتلالُ الأراضي العربية، وما لم تتحقق العدالة للشعب الفلسطيني، وما لم تلتزم إسرائيل بالقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان.
قد تكون المراكز التعليمية الأميركية المقامة في منطقة الخليج تحديداً، الحلقة الأضعف في مواجهة التطبيع، لكونها الأقلّ قدرةً على تحمل الضغوط السياسيّة من اللوبي الموالي لإسرائيل في الولايات المتحدة. ولقد استبقت بعضُ مجموعات الضغط الصهيونية الأمور، محذّرةً من استثناء هذه المراكز التعليمية الأميركية (في الخليج) للإسرائيليين، أكاديميين أو طلاباً. وتُعدّ جامعة «نيويورك» الحالة الأوضح في هذا المضمار. إذ أثارت خططها بإقامة فرع أكاديمي شامل في أبو ظبي بحلول 2010 جدلاً واسعاً في الأشهر الأخيرة. على سبيل المثال، نقل تقرير صحافي عن رئيس «دائرة الدراسات العبرية واليهودية» في الجامعة المذكورة قوله إنّ «جامعة نيويورك لا يمكن أن تذهب إلى أبو ظبي من دون الحق في دعوة إسرائيليين إلى الحرم الجامعي، وهذا ما حصلنا على تطمينات إيجابية بخصوصه».
قد لا تتبلور هذه «التطمينات» على الفور، لكن هناك ما يدعو إلى القلق من عملية دمج تدريجي من جانب هذه المراكز للأكاديميين والطلبة الإسرائيليين، كأنّهم جزء طبيعي من المشهد التعليمي في العالم العربي. إذ إنّ مركز الدراسات الدولية والإقليمية التابع لجامعة «جورجتاون»، مثلاً، المقام في المدينة التعليمية في قطر، قد باشر فعلاً، على ما يبدو، تطبيق برنامج تطبيعي. وقد قام، حتى الآن، باستضافة أكاديمييْن من جامعة تل أبيب والجامعة العبرية في ورش عمل أقيمت في قطر. ونظّم المركز في العام الماضي لقاءً عن مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط. وقد ضم هذا اللقاء عدداً من السفراء والإعلاميين والأكاديميّين الأميركيين والأوروبيين والعرب، إضافة إلى أساتذة من الجامعة العبرية في القدس، كما قامت الجامعة ذاتها في قطر بترتيب قمة الأمم المتحدة الموازية لطلاب المدارس (التي ضمت طلبة إسرائيليّين) واستضافتها.
أما برنامج القمة لعام 2008 الذي أقامته جامعة «جورجتاون» في الدوحة في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، فقد ضمّ 22 دولةً، منها 11 دولة عربية. ومن ضمن الـ52 مدرسة المشاركة في القمة، كانت هناك أربع مدارس إسرائيلية، مقابل ثلاث مدارس فلسطينية من الضفة الغربية المحتلّة.
وفي ما يتعلّق بالأكاديميين، فالتنقّل بين إسرائيل والجامعات الأميركية في دول الخليج يبدو ميسّراً جداً، فقد عرضت إحدى المحاضِرات الزائرات في جامعة «تكساس آيه آند إم» في قطر، نتائجَ أبحاثها في كيمياء الطاقة في معهد وايزمان لأبحاث الطاقة في إسرائيل في آذار (مارس) من هذا العام.
ويمتدّ التطبيع، بالضرورة، ليبلغ المؤتمرات العلمية. إذ ستقوم جامعة «كارنيجي ميلون» في قطر، على سبيل المثال، باستضافة المؤتمر الدولي الخامس عشر حول البرمجة (LPAR) هذا الشهر. وتضمّ اللجنة المنظمة لهذا المؤتمر 44 أكاديمياً من جميع أنحاء العالم، اثنان منهم من جامعتين إسرائيليتينمعهد التخنيون» و«جامعة حيفا»).
إلا أنّ محاولات التطبيع لم تنطلِ على جميع الأكاديميين في دول الخليج، فقد قامت جامعة «كونتيكت» بإلغاء مخططاتها لإنشاء فرع لها في دبي العام الماضي، بعدما صرّح عدد من الأكاديميين هناك بأنّهم يرفضون أن تنشئ هذه الجامعة فرعاً لها إن كانت ستُحضر طلاباً وأساتذة إسرائيليين. وصرح نائب رئيس تلك الجامعة بأنّ الطلاب الإسرائيليين يمثّلون 0.03 في المئة من حجم الجسم الطلابي لدى الجامعة الذي يبلغ 28,000، أي بمعدّل ثمانية طلبة؛ وإن لم يتمكّن هؤلاء الطلاب من الحضور إلى الإمارات إن رغبوا في ذلك، فإنّ الجامعة لن تنشئ مقرّاً لها هناك. وردّ الأكاديميون الإماراتيّون على ذلك بأنّه على الولايات المتحدة أن تسمح للطلاب الكوبيّين بالدراسة في الولايات المتحدة، قبل أن تطالب الإمارات بالسماح للطلاب الإسرائيليين بالدراسة فيها.
وكانت «الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل» قد بعثت رسالة تقدير إلى أساتذة الجامعة الأميركية في القاهرة وطلاّبها الذين ناضلوا لرفض «التعامل مع الأكاديمية الإسرائيلية في أجواء الجامعة الأميركية في القاهرة». وجاء في الرسالة أنّ تطبيع العلاقات الأكاديمية مع إسرائيل «سيمثّل هدية مجانية تقدَّم إلى مؤسسة أكاديمية مستمرة في تواطئها مع نظام الاضطهاد والأبارتهايد الإسرائيلي. إنّ صمت الأكاديمية الإسرائيلية في وجه هذا الاضطهاد كان ولا يزال لافتاً؛ فلم تقم أيّ مؤسسة أكاديمية إسرائيلية أو أيّ جسم أكاديمي أو مهني إسرائيلي بإدانة الاحتلال، ولا حتى بانتقاد أوجه الاضطهاد الإسرائيلي الأخرى للشعب الفلسطيني». أضف إلى ذلك أنّ الغالبية الساحقة من الأكاديميين الإسرائيليين يخدمون من دون تردّد، أو وخزة ضمير، في القوات الاحتياطية لجيش الاحتلال، ما يجعلهم شركاء ــــ بشكل مباشر أو غير مباشر ــــ في الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها هذا الجيش.
كما أنّ المؤسسة الأكاديمية الإسرائيلية مرتبطة عضويّاً بالمؤسسة الأمنية ــــ العسكرية، تقدّم إليها خدمات لا تحصى في مجال الأبحاث والمشاريع والاختراعات والتبرير لجرائمها. وهذا ما يجعلها متواطئة بامتياز في الاضطهاد الإسرائيلي المركّب للشعب الفلسطيني.
وهذا ما شجّع نقابات أساتذة الجامعات في بريطانيا، على سبيل المثال لا الحصر، على تأييد منطق المقاطعة للمؤسسة الأكاديمية الإسرائيلية في قرارات متتالية.
اليوم الكرة في الملعب العربي: هل يتصدّى الأكاديميون في العالم العربي لمحاولات التسلّل، عبر استغلال الجامعات الأميركية والأوروبية المقامة في البلدان العربية، ولا سيما الخليجية منها؟ هل تعي النخبة العربيّة خطورة استعمال الأكاديميات الأجنبيّة جسراً للتطبيع مع نظام الأبارتهايد الإسرائيلي ومؤسّساته؟


* نائب رئيس مجلس التعليم العالي الفلسطيني (2002 ـــ 2006)، وأستاذة علم الاجتماع في جامعة بيرزيت ـــ الكاتبان من مؤسسي «الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل».

3 comments:

  1. كم تكلفنا الفروع الاجنبية ماليا ...وقوميا ..واستراتيجيا !!! اعلن اليوم عن اقامة ستين مشروعا داخل المدينة التعليمية كم مشروع يحظى بالاهتمام خارج المدينة تعليميا واجتماعيا ؟ لمن تلك المشاريع ؟ ومن تخدم ؟

    ReplyDelete
  2. نورة اعتقد سئلتي الاسئلة وعندج الجواب عزيزتي ,, لك السؤال متى يتعدى الدور طرح الاسئلة اللي اجاباتها معروفة ..؟!!

    تعبنا ..:(

    ReplyDelete
  3. What is sad is that many people are too scared to even dare and ask themselves these questions.. Until people are willing to break from this debiltating mindset and develop the courage to voice their questions and concerns, I don't think any answers can be anticipated..

    ReplyDelete